islom-instituti@umail.uz         71-227-42-37

حكم الحديث المرسل عند الحنفية

كثير من الجهلة يشوهون الحنفية  بأنهم يتبعون الرأي و لا يمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم. في الواقع، فهو ليس كذلك.  يمكن العثور عليها في العديد من الأماكن.  و نحن رأينا من الجدير على سبيل المثال أن نذكر بحث “قبول الحديث المرسل” الذي كتبه الملا علي القاري رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه “فتح باب العناية”:

“اعلم : أن علماءنا رحمهم الله تعالى أكثر اتباعاً للسنة من غيرهم ، وذلك أنهم اتبعوا السلف في قبول المرسل ، معتقدين أنه كالمسند في المعتمد ، مع الإجماع على قبول مراسيل الصحابة من غير النزاع.

قال الطبري : أجمع العلماء على قبول المرسل ، ولم يأت عن أحد منهم إنكاره إلى رأس المئتين . قال الراوي : كأنه يعني الشافعي ، وأشار إلى ذلك الحافظ أبو عمر بن عبد البر في « التمهيد » . فمن نسب أصحابنا إلى مخالفة السنة واعتبار الرأي والمقايسة ، فقد أخطأ خطأ عظيماً ، لأن الحديث الموقوف على الصحابة مقدم على القياس عندنا ، وكذا الحديث الضعيف ، فمن خالفنا فيما ذكرنا فهو من رأيه الفاسد وقياسه الكاسد.

والحاصل : أن المرسل حجة عند الجمهور ، ومنهم الإمام مالك ، وقد نقل الحافظ أبو الفرج بن الجوزي في « التحقيق » عن أحمد ، وروى الخطيب في كتاب

« الجامع » ، أنه قال : ربما كان المرسل أقوى من المسند . وجزم بذلك عيسى بن أبان من أصحابنا، وطائفة من أصحاب مالك : أن المرسلات أولى من المسندات . ووجهه أن من أسند لك فقد أحالك على البحث عن أحوال من سماه لك ، ومن أرسل من علمه ودينه وثقته ، فقد قطع لك على صحته وكفاك بالنظر . وقالت أصحاب مالك : لسنا نقول : إن المرسل أقوى ولكنهما سواء في وجوب الحجة . واستدلوا بأن السلف أرسلوا ووصلوا وأسندوا ، فلم يعب واحد منهم على صاحبه شيئا من ذلك.

 و رد الشافعي المرسل إلا أن يجيء من وجه آخر مسنداً ، أو مرسلاً أرسله عن واحد من غير رجال الأول ، أو اعتضد بقول الصحابي ، أو بقول أكثر أهل العلم ، أو كان المرسل لا يرسل إلا عن عدل ، هكذا نص عليه الإمام فخر الدين والآمدي .

قال ابن الحاجب : وقد أخذ على الشافعي فقيل : إن أسيد فالعمل بالمسند وهو وارد ، وإن لم يسند فقد انضم غير مقبول إلى مثله ، لكن الشق الثاني لم يرد ، لأن الظن قد يحصل أو يقوى بالانضمام ، والله سبحانه أعلم بحقائق المرام .

ثم اعلم : أن المتأخرين اصطلحوا على تقسيم الحديث إلى صحيح ، وحسن ، وضعيف ، ومرشل ، ومنقطع ، ومعضل ، وغير ذلك من الأنواع المعروفة في أصول الحديث كما حققناه في «شرحنا على شرح النخبة» للحافظ ابن حجر العسقلاني ، ثم ردوا من ذلك المرسل وما بعده.

وأما المتقدمون من السلف ، فلم يردوا شيئاً من ذلك ، كما فعل الإمام مالك في « موطئه » كذلك ، وذلك لعدم الفرق عندهم بين المرسل والصحيح والحسن ، ويطلقون المرسل على المنقطع وعلى المعضل . فإذا رأى مخالفنا أنا احتججنا بأحاديث مرسلة ، أطلق عليها أنها ضعيفة على اصطلاحهم! ونسبنا إلى العمل بالحديث الضعيف المعارض للحديث الصحيح أو الحسن بزعمه!.” انتهى كلام الشيخ رحمه الله.

فنحن طلبة العلم يجب علينا أن نعرف أقوال السلف و آراءهم قبل أن نتطفل عليهم. أعاذنا الله و إياكم عن سوء اللسان بالسلف الصالحين. آمين, يا رب!

جلال الدين محمد صالحوف

369700cookie-checkحكم الحديث المرسل عند الحنفية

Leave a Reply